أعجوبة الأيام الستة مع ”إيفر جيفن” في قناة السويس
مأمون الشناوي
ليس أدل على حب الله لمصر والمصريين، أكثر من النتيجة المحققة في مأساة جنوح السفينة "إيفر جِفِن"، التابعة لشركة "إيفر جرين" للملاحة العالمية.
خلق الله الدنيا (السماوات والأرض) في ستة أيام، ومد الله جل تعالى يده الكريمة، كي تنتهي المأساة في ستة أيام، "يد الله فوق أيديهم"، ليثبت للعالم كله أن رجال مصر كانوا قد بايعوا الله، قبل دخول حلبة "التعويم"..
الشاعر والكاتب مأمون الشناوي، استلهم "آية الستة أيام" في مقال على صفحته الخاصة، ننشره هنا:
في ستة أيام
اقرأ أيضاً
- وزير التموين.. إنشاء مجمع للزيوت في إقليم قناة السويس بالتعاون مع ماليزيا
- اقتصادية قناة السويس: تفريغ 4 آلاف رأس ماشية حية بموانئ بورسعيد
- السيسي يوجه رسالة للفلاح في عيده: مصر الأهرامات وقناة السويس والسد العالي مبنية بعرق الفلاحين
- قناة السويس تحقق أعلى إيراد شهري في تاريخها
- وزيرة الصحة تشهد تطعيم المرشدين بقناة السويس بلقاح فيروس كورونا
- بإجمالي حمولات 4.8 مليون طن.. 81 سفينة تعبر قناة السويس اليوم
- خلال ساعات.. عودة حركة الملاحة بقناة السويس
- الزراعة تمد سفن الحيوانات العالقة في قناة السويس بـ 310 طن أعلاف ومياه
- اجتماع تنسيقى بين البيئة وهيئة قناة السويس لمتابعة الوضع البيئي لأزمة السفينة الجانحة
- تعرف على موقف مصر من السفن المنتظرة بقناة السويس
- بدء تعويم سفينة الحاويات البنمية ايفر جرين بنجاح
- لماذا وجه رئيس هيئة قناة السويس الشكر لوزير الزراعة ؟
علام الدهشة - ياولدي - والاستغراب أن رجالنا استطاعوا أن ينهوا معضلة السفينة الجانحة في ستة أيام، وبسواعدهم وحدهم !!.
تقول إنك سمعت كِبار المُحللين في فضائيات العالم يتوقعون أن يستغرق ذلك عدة شهور، نعم، وأنا أيضاً سمعت منهم ما هو أسوأ من ذلك، وكنتُ أصدق بعضهم وأعرض عن بعض الجاهلين منهم، الجاهلون بنا، الناسون لتاريخنا، الأميون في قراءة كتاب مصر كما ينبغي وعلى وجهه الصحيح !!.
هؤلاء الرجال - ياولدي - ليسوا استثناءً في عمر كفاح هذا البلد الأعظم، ولكنهم سياق طبيعي لآبائهم وأجدادهم !!.
أجدادهم نعم، وما أدراك ما أجدادهم الذين حفروا هذه القناة بأظافرهم، وتحت سياط المُستعمر الوقح، كانت أدواتهم الفئووس والمقاطف، وقوتهم رغيف خبز يابس وبصلة، لكن عرقهم عنبر، وأنفاسهم زفير الورد، رغم القهر والألم، ومازالت أرواح ثلاثمائة ألف شهيد منهم تغتسل في مياه القناة كل صباح، ثم تخرج لترقد في رمال ضفافها لتحرسها !!.
لكن المحتل الغادر سرق شقاءهم بأن جعل من هذه القناة أول (شركة متعددة الجنسيات) في التاريخ، وحَرّم علي الذين حفروها وأهلهم وذويهم دخولها أو أي انتفاع بها، فكان يستورد حتى الأقلام والورق من بلاده !!.
ويوم أن جاءت إمبراطورة فرنسا لحضور حفل افتتاحها، رجوها أن تمنح المصريين بعض أسهم قناتهم، فأجابت في وقاحة وصلف سادر : (ألا يكفيكم أنني لوثت حذائي بالحضور إلى بلادكم)!.
حتي بعث الله الفارس ابن الفارس {جمال عبد الناصر } ليصفع هذا المستعمر الغاصب على قفاه، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، فيعلن تأميم القناة وعودتها إلى حضن مصر الدافئ، رافضاً كل العروض من أقرب الناس إليه بتأميم بعضها، تلافيّاً لصدام حتميّ مع القوي الغادرة، مراهناً على إرادة شعبه الذي لم يخذله، فرد كيد المعتدين في عدوان ثلاثي غاشم، وأدار الرجال القناة بمهارة عالية منذ اللحظة الأولى لتأميمها!!.
ولا تنتهي الملحمة ياولدي، فتتجلي في أروع صفحاتها عندما قام رجال من أحفاد الحفارين العِظام بعبور هذه القناة، بعدما راهن العالم كله علي استحالة ذلك، فإذا بهم يكسبون الرهان كعادتهم وتتحول صفحة القناة ناراً ودماً وهم يعبرونها ظهيرة السادس من أكتوبر ١٩٧٣م، شوقاً للثار من عدوّ وضيع، فيغسلون عار الهزيمة بانتصار باهر !!.
فلا تتعجب - ياولدي - ولا تندهش، هؤلاء هم المصريون دوماً، مهما علا الصدأ نفوسهم وتكاثرت في سماواتهم الغيوم، لكنهم عند التحدي أسود ضارية، وعنقاء تخرج من تحت الرماد، ووهج يشق ستائر الظلام فيبدده، فلا يملك العالم إزاء ذلك غير الانحناء لهم ورفع القبعة والتسليم، والاعتذار عن جهله بهم، تعمداً كان أم سهواً !!.
* مأمون الشناوي