مُنتهى أمله أن يتنفس!!


داهمني - وعلى حين غِرةٍ مني - ألم حاد في موضع لم أكن أتوقعه من جسدي الذي حافظت عليه كثيراً طوال عمره المديد الذي صاحبني فيه !!.
كنت دائماً أضع قول الله تعالي ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) نصب عينيّ ، وجعلت من هذا الجسد أمانة عندي ، سوف أقوم بتسليمها في نهاية الرحلة إلى بارئها كما تسلمتها أول مرة ، قدر استطاعتي !!.
وكنت - ومازلت - علي قناعة أن هذا الجسد مُقدس ، لأنه صناعة الله ، ولأنه نفخ فيه من روحه ، فكيف أعبث بروح الله مُنساقاً وراء شيطان مريد أو هوي مريض أو رغبة دونية !!.
حتي في طعامي ؛ نأيت بهذا الجسد عن كل ما يفسده أو يعطبه ؛ فجنبته مَشقة هضم اللحوم وزفارة الأسماك ، وخاصة في هذا الزمان الذي خربت فيه الذمم ، فضرب الفساد كل ما تنتجه الأيدي الفاسدة ، وحرمت علي هذا الجسد كل مايصنعه الآخرون من طعام جاهز ، واكتفيت بماتنتجه الأرض والكائنات من خضروات وألبان وفاكهة وعسل ، وهي خيرات وفيرة وفائضة والحمد لله !!.
ولكنني - فجاة - وجدتني أواجه ألماً حاداً فوق احتمالي !!.
وأنا أتعامل مع الألم بتأمل ، لابسخط وتبرم ، ولا أستطيع التعبير عنه بأية صورة ، أتأمله وأنا أعرف بأنه نعمة عظيمة ؛ فهو مجرد جرس إنذار للعقل لكيّ ينتبه إلى عطب ما ضرب هذا المكان ، وعليه أن يسارع بإصلاحه ، وهو نعمة حقيقية ؛ فلك أن تتخيل لو لم يكن هذا الألم يدق جرسه لينبهك ، وترك هذا العضو يعاني وحده ما أصابه حتي يقضي حتفه ، فالألم إذن نعمة ، لانقمة !!.
سارعت إلى استشارة أهل العلم من الأطباء ذوي الاختصاص فأفادوني ، وبفضل هذا الألم تجنب الجسد كارثة انهيار محتوم !!.
واتساقا مع تأمل ماجري ،
يا ألله ، ألهذا الحد أنت ضعيف أيها الإنسان ، وفي لحظةٍ ترهن الدنيا كلها لقاء تخفيف ألمٍ أو آهةٍ مكتومة !!.
أوكل هذا جراء قطرات من الماء شربتها ، ثم استعصت علي الخروج !!.
طلب الخليفة العباسي { هارون الرشيد } كوباً من الماء ليروي به ظمأه ، فقال له { بهلول } أخوه :
- ( بكم تشتري هذا الكوب ياهارون ) ؟!.
قال هارون :
- ( بنصف مُلكي ) !!.
قال بهلول :
- ( واذا احتبس فيك ، فكم تدفع لإنزاله ) ؟!.
قال هارون بلا تردد :
- ( بنصف مُلكي الآخر ) !!.
قال بهلول ساخراً :
- ( إذن بئس هذا المُلك الذي لايساوي شربة ماء ) !!.
نعم ، بئس كل مال وجاه وسلطان لايساوي شربة ماء ، تشربها ثم تجد سبيلها بيسر عندما تشاء ، دونما احتباس أو معاناة !!.
ثم امتد خيط التأمل إلى منتهاه ، فإذا به يدلني علي ماهو أبشع وأخطر ؛ هذاالفيروس اللعين الذي يضرب الإنسان في رئتيه ، ويصبح منتهي أمله أن يتنفس ، فقط يتنفس !!.
أنت في نعمة كبري - يا سيدي - إذا شربت الماء ، وانصرف ، وإذا استنشقت الهواء ثم أطلقته زفيراً !!.
فحياتك كلها - أيها الإنسان الجبار - مرهونة بقطرة ماء ونسمة هواء.
آه واللهِ ، تخيّل !!
...................
اقرأ أيضاً
مدبولي: الأولوية للسلع الغذائية ومكونات التصنيع والأدوية بشأن الإفراج الجمركي
الري: الأنتهاء من الرفع المساحى للأحوزة العمرانية لـ 29 الف قرية ونجع ومدينة
الإنتاج الحيوانى يعلن عن دورة تدريبية بشأن ”بدائل الأعلاف للماشية والدواجن والأسماك”
الري: محطات رفع للمياه وتاهيل بـ 778 مليون جنيه خلال 2022
بحوث الهندسة الزراعية ينحج في تصميم وحدة لأنتاج الكربون النشط من مخلفات الزيتون
تعرف علي أنواع تقليم العنب الثلاث و أهمية كل نوع
«ستاندرد آند بورز»: هناك مخاوف بشأن جودة القمح الأسترالية.. تفاصيل
وزير الري يتابع موقف مشروعات المياه ضمن «برنامج نُوَفّي»
القومى لبحوث المياه والهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل يفوزان بمقعدين بالانتخاب في مجلس محافظي المجلس العالمي للمياه
”الزراعة” تشارك في ختام برنامج إدارة المياه والزراعة بالتعاون مع الحكومة الهولندية
وصلنا للندرة المائية وهذه الأسباب
وزير الري: المياه الجوفية مصدر مائى غير متجدد يجب إستخدامه طبقاً لمحددات تضمن إستدامته
* كاتب وشاعر